دير مار الياس – قب الياس

(تأسّس سنة ١٧٧٥، عيد شفيعه ٢٠ تموز)

لم يحصل أن أصيبَ ديرٌ بتوعّكاتِ الزمن كما أصيب دير مار الياس النبيّ في قب الياس. فمنذ أن ابتاعتِ الرّهبانيّة الأنطونية أرضًا في البلدة البقاعيّة الوسطى لتثبّت على ترابها ديرًا بهدف خدمة الناس والرّعيّة وتعليم الأولاد، والزمن يتقلّبُ على حيطان الدير وساكنيه مرّة بفعل الحريق المجهول ومرّة بسبب ترميمٍ شاملٍ وحينا لانتقال الرّهبان الى بلدة أخرى وتحت ضغط الحروب والخطف ورحى المواجهات في البلدة، لكن الديرَ عاد موقعًا أنطونيًّا يخدم فيه رهبان الرّعيّة ويستكملون مسيرة التعليم ومتابعة اولاد الرّعيّة.

ففي العام ألفٍ وسبعِ مئة وخمسةٍ وسبعين بنى الأنطونيون ديرَ مار الياس في قبّ الياس، وضمّوا اليه عقاراتٍ ودوّارة لجني المحاصيل ومحالَّ، فاحترق الأنطش عام ألفٍ وثماني مئةٍ وستين فجُدِّدَ بناؤه ووواصلَ الرهبانُ خدماتِهم الروحيّة والرّعويّة والتربويّة، وإصلاح بناء الدير وتوسيعِه وتمكين بنية كنيستِه ومذبحها وتلبيسِه الرخام المنقوش، وذلك في فترة تحوُّلِ الديرِ مكانيًّا مركزًا للوكالة الأسقفيّة لأبرشيّة صور وصيدا.

لكنّ التحوُّلَ الزمانيَّ الأسمى للدير هو أنّه صار منذ حلول المجاعة في لبنان عام الفٍ وتسعِ مئةٍ وستّة عشَرَ زوّادةَ نورٍ للبلدة، يطوفُ اهلُها من ساحتِه الى شوارع بلدة قبّ الياس في زيّاح بالقربان الأقدس مع حلول عيد القديس الشفيع، وذلك بعد ظهوره على إحدى سيّدات قبّ الياس سنة اجتياحِ الطاعون البلدة وطلبِه منها أن يطوفَ المسلمون والمسيحيّون معا في زيّاح ينالون به نعمة الشفاء. ومذ ذلك التطواف قبل مئة عام، لا تزال الأيادي تحمل الشموع، والأقدام تسير بخشوع كلّ سنة تقود أبناء البلدة البقاعيّة الأوسطيّة الى معابد المسيحييّن والمسلمين مردّدين الصلوات الـ”مار الياسيّة” لتبقى شفاعتُه تظلّلُ صغار قبّ الياس وكبارَها.

ومع حلول العام ألفٍ وتسعِ مئةٍ وستة وثلاثين غادر الأنطونيون الديرَ مُكرهين بسبب خلافاتٍ مع أهالي البلدة حيث استلم خوارنةٌ أبرشيّون الديرَ في غيابهم المؤقت، عادوا بعدها ليعيدوا الترميم ويوسّعوا أرض الدير، ويكملوا رسالتهم وسط أحوالٍ صعبة عانوها وعايشوا قساوتها لا سيّما فترة الحرب الأهليّة لخمسَ عشرة سنة (١٩٧٥-١٩٩٠) فآثروا البقاء قرب الأهالي والفقراء والمشرّدين لإعانتهم كما أدّوا ادوار وساطة لإعادة مخطوفين في البلدة ومؤازرة الأهالي للصمود بالإيمان والرّجاء، ليترجموا خيرَ ترجمة رسالتهم وينعشوا الحوار الاسلاميّ المسيحيّ والحوار المسكونيّ الدينيّ بالصلاة والأداء والعمل ومواكبة التعليم والثقافة في أية بلدة يحلّون فيها ويدقون أجراس أديارهم على مسامع أبنائها في دعوة صريحة للسلام واللقاء بالله والأخوّة والمحبّة.

رئيس الدير وخادم رعيّة مار الياس: الأب روكز أبو نكد

قيّم الدير: الأب بيار الخوند

هاتف: 08/501050
فاكس: 08/506747