دير مار عبدا المشمّر – زكريت
(تأسس سنة ١٧١٦، عيده في ٣١ آب)
للتاريخِ ذاكرةٌ بعيدة تحت أعمدة هذا الدير.
فهو وإن بات واحدًا من الأديرة-الأبناء المكانيِّين للرهبنة الأنطونية منذ العام ألفٍ وسبعِ مئة وستةَ عشرَ (١٧١٦) وتحتفل بعيد شفيعه في الحادي والثلاثين من آب إلا أنه ابنُ حضاراتٍ مُوغِلة في القِدَم، يصحو جرسُه كلَّ يومٍ قارعًا على مسامعِ مَن كانوا ههُنا صوت الإله الحيّ يدعوهم الى مذبح الكنيسة، هم من كانوا أتباعَ تقرباتٍ متباينة، فينيقيّةِ الهُويّة، وثنيّةِ العبادةِ، ذاتِ طقوسٍ غريبة، وضع علماءُ الآثار يَدهم البحثيّة على انقاضِها وبقايا قرابينها فوق تلة المشمّر في زكريت حيث التلالُ المترامية الأطراف ينقل صدى لونِها صدى عباداتٍ وأدعية لإله الهيكل، وتحته محرقاتٌ بشريّةٌ تُقَدّم فداءً للإله الهيكليّ ومعه البئر والشجرة المقدّسة وكلّها عناصرُ هدّتها الهزّاتُ الأرضيّة أواخرَ القرنِ السادسَ عشرَ وبقِي منها ما يذكّرُ بها.
علماءُ الآثار يرجّحونَ أن دير مار عبدا يقوم على أنقاض معبد فينيقيّ طُمِسَ على مرّ الزمن بعبادات شعوب توالت على المنطقة وجعلت من التلّة والمغارة العجائبيّة ضمنًا مدفنًا فينيقيًّا أو رومانيًّا حوّله الأنطونيون مدفنا للرهبان لتزول العلاماتُ الوثنيّة الفينيقيّة، وتتوشّحَ المغارة بعلاماتٍ مسيحيّة، بعدما جُدّدتِ كنيسة مار عبدا عهدَ البطريرك الدويهي منذ العام ألفٍ وستمئةٍ وخمسة وثمانين (١٦٨٥). قد تسلّمته الرّهبنةُ الأنطونيةُ بصكِّ تمليكٍ من البطريرك يعقوب عوّاد في عهد الرئيس العام الأب عطاالله كريكر في السّابعِ والعشرينَ من تمّوز عام ألفٍ وسبعِ مئةٍ وستّةَ عشرَ (٢٧ تموز سنة ١٧١٦).
شهِد دير مار عبدا المشمّر – أي الحارس – فوق التلّة الحارسةِ تبدّلاتٍ في بنائه وأحوالِه منذ العامِ ألفٍ وثماني مئة وعشرَ (١٨١٠)، ومرّ بمراحلَ عدّة بين القرنين التاسعَ عشرَ والعشرين مع تسلّمِ غيرِ رئيسٍ مهامّ الدّير واهتمامِهم ببناء مطحنة وجرِّ الماء إليها، فيما استحبسَ آخرون في حرمِه مقرّبين الصلاة تقشّفًا وتأمّلا، أوّلُهم الحبيس يوحنا الحاج يوسف الجعيتاوي، وآخرُهم -وهم ستّة- الأب جرمانوس الدرناني المتوفّى عام ألفٍ وثماني مئة وتسعين (١٨٩٠).
مع إتمامِ ترميمَيْنِ حديثَيْنِ عامَ ألفٍ وتسعِ مئة وسبعةٍ وستين (١٩٦٧) على يد الأب اقليموس حكيم وبإشراف لجنة الآثارات الوطنيّة، والأبّاتي بولس تنوري عهدَ الأبّاتي داود رعيدي عامَ ألفين وأحدَ عشرَ (٢٠١١)، كما واظبَ الأنطونيون على فتحِ المغارةِ العجائبيّة لتقربةِ المؤمنين نذوراتِهم لا سيّما للولادات والشفاءاتِ، وواكبوهم بجعل ماء جرنِ كنيسةِ الدير نهرَ أردنّ ثانيًا، يثبّتُ الاطفال في درب المسيح بمعموديّة الروح القدس متمّمين بهذا السرّ ما رسمهُ الناسك مار عبدا في درب نسكهِ حين كان، فوق تلّة المشمّر بين القرنينِ الخامسِ والسادس، يُعمِّدُ الناسَ ويسهرُ طوال الليل متيقظًا حارسًا في موضعٍ عالٍ مقدَّسٍ يُوحي ارتفاعُه بأنه جارُ الله أبدًا.
رئيس الدير: الأب نادر نادر
قيّم الدير: الأب إدمون اندراوس
هاتف: 04/926080
فاكس: 04/922430