دير مار يوسف – بحرصاف

(تأسس سنة ١٨٥١، عيده في ١٩ آذار)

لبحرصاف في الوجدان التاريخيّ مفاصلُ زمنيّة شديدةُ الوطـأة على بلدةٍ متنيّة عاليةِ الموقعِ والجبين، رآها المحتلّ فانجذب إلى هوائها ونسيمِها ليقطعَ الهواءَ عن اهلِها والدربَ عن رهبانها وهم يعبرون دروبَ الصلاة فيها. هذا ما ناله دير مار يوسف في بحرصاف على مرّ سِني الاحتلال العثمانيّ فنفى خدمَةُ البابِ العالي رهبانَ الدير الأنطونيين، خدمةَ المذبح، من باب كنيستِهم، وجعلوا مَن بقي فيه يسدّدُ الضريبة الميريّة، وكأنه الدخيلُ على الدير لا همُ.

حكايةُ هذا الدير الأنطوني يترجّع صداها الى أواسط القرن الثامنَ عشرَ على وقعِ حجارةٍ أولى شقعَها الأبّاتي فيليبوس الحاج إبّان رئاستِه الرهبنة الأنطونية بين الألفِ والثماني مئةٍ وواحدٍ وخمسين والألفِ والثماني مئةٍ وأربعةٍ وخمسين… ثلاثُ سنواتٍ من البناء والعَمارةِ أمضاها الأب فيليبوس ليعمُرَ الإيمانٌ داخل الدير وفي نفوس زائريه، لكنّ حربًا ضروسًا سمّيتِ الأولى ما لبثت أن هزّت غرفَ ديرِ مار يوسف وقناطرَه وأقبيتَه وكابيلا التقديس فيه، فأمسى بعدما كان ملاذًا لفروض الرّهبان وصلواتِهم وأعمالهم اليدويّة، أمسى اداةَ تخريبٍ في يدِ العثماني يوم نزل جنودُه بحرصاف فأيبَسوا الخضار واطفأوا شموع المذبح وبدّدوا بِغيِّهم قداسةَ الدير مستبيحينَ المكان والزمان.

صفحة الحرب السوداء انطوت ليفتحَ دير مار يوسف قوسَ قناطرِه للسلام فيضمَّ اليه ميتمًا، ثم مدرسة مجانيّة بعد سنتينِ من رحيل الحرب عن بحرصاف ولبنان ليتولّى الرهبان الرؤساء ومعاونوهم تِباعًا تنقيبَ أراضي الدير وزرعَها وسَقْفَهُ بقرميدٍ ظلّل الزوّارَ المصلّين كلّ صبيحة أحد، أبرزُهم الزائرُ المصلّي فيه الجنرال فوش حيث حلّ ضيفا في الصالون الشهير، بحضور رئيس الدير ورهبانه، وغالبهم كان يتّخذ من هذا الدير مصيفًا له لا سيّما الرهبان الساكنين شتاء دير مار الياس – أنطلياس، كما استضاف الكثير من المثقفين المنتمينَ لجمعيات “نادي الشراع” – أنطلياس و”الحركة الثقافية” – أنطلياس، و”انتظارات الشباب”، و”معًا نعيد البناء”.

تلك المرحلة أعقبها ترميمُ الدير أواخرَ التسعينات ليُكَرَّسَ مطلع الألفيّة الثالثة مسكنًا للآباء الباحثين في مركز الدراسات والأبحاث المشرقيّة بعدما كُسيتِ الحيطانُ باللونِ الترابيِّ بعد ضربِها بالرَّمل، وشرع ببناء جناح جديد شرقيّ يستوعبُ مستودعًا ومرأبًا ولوازمَ أُخَر، ليُتوَّج الترميمُ المكسوُّ بعنايةٍ روحيّة ولمسةٍ رهبانيّة بافتتاح دير مار يوسف في عيد شفيعه يوم التاسعَ عشرَ من آذار ألفين وواحدٍ في الذكرى المئة والخمسين لتأسيسِه ضمن احتفاليّة تحت عنوان “الدَّير بيتُ الله والناس”، ولم تكتفِ الرهبانيّةُ بهذه اللمسات بل أنهت القسم الـمُضاف سابقًا (٢٠١٥ – ٢٠١٧) وكمّلته وأعادت هيكلة البناء والقرميد موسعة الإضافات ليؤدّي الدير خدمتَه الروحية الكاملة. وأهّلت مساحاته وساحاته لعمل مركز الدراسات والأبحاث المشرقيّة حيث يزاول العاملون والمشتركون نشاطاتهم فيه. دُشّن الدير بحلّته الجديدة في نيسان ٢٠١٧ في عهد الأباتي داود رعيدي.

رئيس الدير: الأب أنطوان عزيز

قيّم الدير: الأب ميلاد أبو ديوان

هاتف: 04/980312
فاكس: 04/985422