دير مار روكز – الدكوانة – مركز الرئاسة العامة

(تأسّس سنة ١٧٦٨، عيد شفيعه ١٦ آب)

يُطلّ هذا الدير على عيونِ الوافدين اليه من ساحل الدكوانة. فموقعُه العالي يَكشفُ للرّائي حجارةً متداخلةَ الألوان موشَّحةً بالترابيّ الطالع من الأرض، أرض ضهر الحصين المعروفةِ بهذا الاسم نسبة لمبنًى عتيق اشتُهر بهذه التسمية في منطقة الدكوانة حتى لازم اسمُ الدير اسمَ المنطقة وسطَ محلّة مسوّرة بالخضار، وبات أهالي الدكوانة العالية الى اليوم يربطون سَكنَهم في هذه المنطقة بمار روكز – ضهر الحصين.

يعود تاريخُ وقفِ هذا الدير للعام الثامنِ والستين بعد الألف والسبعِ مئة (١٧٦٨) يومَ وقفَ آلُ الخازن أراضيَ الى رهبان دير مار اشعيا فكرّس الآباءُ اهتمامَهم بأرضه زرعًا وتنصيبَ أشجار، فشيّدوا كنيسة مار روحانا في أعلى تلّة الضّهر، ووسّعوا نطاق الدير بشرائهم أملاكًا مجاورة، مثبِّتينَ شفاعةَ القديس روكز على مكانهم الديريّ كونَه شفيعَ المصابين بالأمراض الوبائيّة، لا سيّما اولئك المعانين من الطاعون بفعل تفشيّ ذلك المرضِ في لبنان في القرن الثامنَ عشر.

معالمُ دير مار روكز، المقرِّ الشتويِّ لغالب الرؤساء العامّين، وإن بقيت تحتضنُ روحيّةَ الأنطونييّن فهي تبدّلت حجرًا وهندسةً وعَمارا من بناءِ أقبيةٍ وغرف في الجهتين الشرقيّة والغربيّة وتوسيع للكنيسة، وذلك بدءا من العام ١٧٨٦ حتى العام ١٨٣١ بهمّة الرّئيس العام إبراهيم البسكنتاوي، ثمّ في سنة ١٨٩٠، صور الأحبار والقدّيسين والملامحِ الأموميّة لوالدةِ الإله في ديرٍ حُصِدَت أرواحُ كثيرين من الرهبان الأنطونيين وإخوتهم اللاجئين اليه من رهبناتٍ أخرى تحت مذابحِه إبّان مجزرة .١٨٤. غير أنّ ما تستنزفه الحربُ من دماء الرهبان يتحوّل نبيذا مختمِرًا مع الأيام، ونوايا مقرَّبةً على مذابح الرب لخدمة النفوس ورعايتِها. وما اعتُبر مدماكا أساسًا في دير مار روكز للرهبنة الأنطونية امتدّ كالعشبِ الخيِّرِ في الأرض وأورق في المنطقة اعاليها وساحلها أغصانا أنطونيَّةً وارفةً تفتّحت منها رعايا مار روكز الحازميّة، مار الياس – المخّاضه (جسر الباشا)، مار جرجس – الدكوانة، مارت تقلا- البوشريّة، السيّدة سن الفيل، السيّدة الفنار، وغيرها.

وبعد مرور مئتَي سنةٍ على تأسيس الدير، بنى الأباتي مارون حريقة الكنيسةَ الحاليّة العام ١٩٦٢ لتُترجَمَ فكرةُ قنّوبين، الوادي المقدّس، المستمدّ نورَه من العلاء، وتوشّحت بالزجاجيات من فرنسا، فعكست الداخل الروحيّ على الخارج المجتمعيّ. وفيما الحربُ الأهليّة تُفرّق الأهلَ والناس وتدمِّرُ بنيانهم، نال الدير حصّتَه التّدميريّة في حرب تل الزعتر، فقرَّر الرئيس العامُّ الأباتي الياس عطاالله ومجلسُه ترميمَ الدير وتوسيعَه ليتجاوبَ مع حاجات العصر، بدءا من العام ١٩٨٦، فنفض الديرُ عنه ذاكرةً من غبار وآثارا من حوادثَ دامية، ومَالَ شكلًا ورمزًا الى أمجاده الماضية متطلِّعًا الى الغد بهندسةٍ تُبقي وهجَه الديريَّ المعتّقَ في بدايات الرهبنة، وتمهِّد له المطارحَ اللائقة بالمستلزمات الإداريّةِ الحديثةِ للرهبنة المتجددة.

هذا التجدُّدُ تترجمه الرهبنة الأنطونية على الدوام بغرسِ حقولِها الروحيَّة بذارا تربويةً ومهنيَّة وفنيّة، جعلت معها دير مار روكز مِروحةً روحيّة تدور في نسماتها لفحاتٌ اجتماعية وتنشئيّة متعدّدة لتنطلقَ من مركزيّة الديرِ الأساسِ المؤسّساتُ التربويّة والمهنيّة، وضمنًا مدرستانِ نظاميَّتانِ ومعهدُ تنشئة دينيّة، ومعهدٌ فنّي فيه مدرستان لأداءٍ احترافيّ في عالم الايقونات والفسيفساء، ونـُزُل وبيتُ المونة لتصريف منتوجات الارض…

مع هذا التمدُّد في سني التاريخ والامتداد الانتاجيّ على غير صعيد ومكان مجاور صار ديرُ مار روكز ديرَ الأقبيةِ الحافظة حكايةَ رهبنة ومقتنياتِها وأهدافَها وتطلّعاتِها، والضابطةِ بعناية محفوظاتِ الرهبانيّة وأرشيفَها ومُتحَفًا يحوي مقتنياتِها التقويّةَ والبيعيّةَ الثمينة، وعلى حجارتِه خطّ الماضي سطورًا لم تُمّحَ ويخطُّ الحاضرُ للآتي خطوطًا أنطونيَّةً لن تُمّحى.

رئيس الدير: النائب العام الأب المدبر بطرس عازار

قيّم الدير: الأب إيلي عبّود

ص.ب : 55035 بيروت
هاتف: 01/681455
فاكس: 01/686014