دير مار يوحنّا القلعة – بيت مري – مركز الرئاسة العامة الصيفيّ
(تأسّس سنة ١٧٤٨، عيده في ٢٤ حزيران)
مجدٌ قدِيمٌ يعانقُ هذا الديرَ الاثري. مجدٌ من تاريخ يعانق المطارح والاروقة وينكتبُ على وجه حجارةٍ ذاتِ لمساتِ فينيقيَّةِ ورومانيَّة والبيزنطيّة عبرت وخلّفت أثرًا في تراثٍ رهباني انطوني تراكم منذ العام ١٧٤٨ حين جذْر القس سمعان عريض الصخرةَ الأولى لعمارة دير مار يوحنا في قلعةٍ طوى الزمن كثيرا من حجارتها وأبقى على الكثير منها، فارتفعت الحجارة وتسامت بناءً أوّلَ لأقسام الدير وبينها قبو مار انطونيوس حيث تنبع الصلاة من اركانه، بينما كانتِ الكنيسةُ تعلو وترتسم هندستُها العام ١٧٦٢ فوق هيكل وثنيٍّ قديم على اسم القديس يوحنا المعمدان فيه البلاط من الحجر، والمذبحُ من الرخام مع الأقبية والكلار والمائدة. لكنّ الزمنَ لم يُتِح لدير مار يوحنا سلاما روحيًّا، فتتالي الحروبِ والحوادث الأهليّة جعل الديرَ عُرضَةً للحريق والنهب بين ١٨٤٠ و١٨٦٠ لتُعادَ لملمةُ ما سقط منه العام ١٨٩١ وتزهرَ قُبَّةُ الكنيسة من الرماد، ويعلوَ الجرس شكلا وصوتا يقرعُ برجاءٍ قيامةَ الدير واهلَه فيُقبلَ التلاميذ المدعوون المبتدئون الى رحابه ليكرّسوا دعواتهم قبل أن تخصّص الرهبنة الأنطونية دير مار ضوميط – روميه ديرًا للابتداء.
لكنْ، كما الايمان لا يكلّ فان الشرور لا تني تبثُّ أسودَها في حوائط الدير، فأصابت دير مار يوحنا بجولة جديدة من الدمار، واقتحم جيشُ جمال باشا الدير وشرّد الرهبانَ لاجئين صوب الشابورية – عين سعاده حيث بَنوا كنيسةَ سيدة البشارة.
خمسُ سنواتٍ ومار يوحنا القلعةُ الأنطونيةُ اقتُلِعت من أقبيته نداءاتُ الرهبان للرب القدير، وتحوَّل قلعة مركزيّة للدمار والحرب فأُحرقت مكتبة الرهبان وتهاوى البناءُ القديم، إلا أن الإيمانَ المترسِّخَ مع التاريخ في مار يوحنا أعاد الرهبانْ من غربتهم القسريَّة فعاد مار يوحنا القلعة مركزًا للرئيس العامِّ صيفًا في العام ١٩٢٢، وأصلحه الأب مارون رعد ليقطنَه رهبانٌ يؤمِّنون الخدماتِ لبعض الرعايا المجاورة، في حين أُعيدَ اعتمادُ دير مار روكز – الدكوانة مركزًا للرئاسة العامَّة شتاءً.
توالتِ السنون، والمراحل المفصليّة الزمنيّة والطبيعيّة تترك أثرَها في الدير الكبير الأثريّ، ففي العام ١٩٤٥، وضعتِ السلطات الفرنسيّةُ يدها على الدير لاستضافة اللاجئاتِ المسلمات من سوريا بسبب الحوادث في الحرب آنذاك. وفي العام ١٩٥٨ انقلبتِ الطبيعةُ على رأس الدير حينما نزلت عليه صاعقةٌ هدمت قبَّته وجزءًا منه، فسارع الرهبانُ إلى تصليح أعطالِها وترميم القبّةِ. وتزامنتِ الخطوة واكتشافَ لجنةِ الآثار في الباحة المحاذيةِ لحارة الدير كنيسةً بيزنطيّةً وحمّاماتٍ رومانيّة.
في بدايات النصف الثاني من القرن العشرين اشتُهِرَ الديرُ بإحياء مهرجانات فنيّة ثقافيّة رائدة،
وحين ألـمّتِ الحربُ الداخليّة الأهليّة بلبنان بدا ديرُ القلعة عُرضةً للقذائف والنار ومطامع الدخلاء على أراضي الوطن، فاستُشهِد الأب الياس لطف الله زينون، وغُيِّب الأبوان ألبير شرفان وسليمان أبي خليل لدى اجتياح الجيش السوري المنطقةَ واقتحامِ جنودِه حرم الدير في ١٣ تشرين الاوّل ١٩٩٠ وسكنوه لغاية العام ألفٍ وتسعِ مئةٍ وتسعةٍ وتسعين (١٩٩٩).
بعدما هدأت لعلعة الرصاص وانحسرت معالمُ الحرب، نفض مار يوحنا القلعة عن وجهه وهيكله علاماتِ الأسى ورمادا ترسّب في أروقته ليكحّل الآباءُ حجارة هذا المعلَم التراثي بسِماتٍ فنيّة بالتنسيق مع مديريّة الآثار في وزارة الثقافة بدءًا من تاريخ إخلائه. منذ ذلك الحين وديرُ مار يوحنا القلعة قلعةٌ تتوهّج عند أعتابها وفي ساحاتها الابداعاتُ الثقافيّة والفنيّة، وتضجّ فيها الحياة نشاطا رعويّا ولقاءاتِ أفراحٍ ومناسباتٍ اجتماعيّة يمنحها الرهبانُ بركَتهم ويبتهلون ليبقى هذا الديرُ مقلَعًا تراثيًّا وساحةً للتلاقي رغم ملمّاتٍ صعابٍ كبّدت هذا الدير وآباءَه وأهلَه حزنا وانتظارا، طال ولا يزال يطولُ عند عتبتِه الأمّ لعودة الأبَوين من غياهب التغييب والخطف.
رئيس الدير: الأب المدبّر بشارة إيليا
قيّم الدير: الأب شربل بو عبود
هاتف: 04/870080 – 04/871213 – 04/871214
فاكس: 04/871438
البريد الاكتروني: stjeankalaa@hotmail.com