السلام الدّاخليّ هي العلامة الأولى التي يجب أخذها بعين الإعتبار، فكلّ مرّة يتكلّم الرّب مع رسله يقول لهم: “السلام معكم”. والسلام الدّاخليّ لا يعني عدم وجود القلق ساعة اتّخاذ القرار، ولا يعني أيضاً أنّي أذهب الى الدّير دون تردّد وقلق. فقد أتردّد أحياناً كثيرة وأسعى للمماطلة وأتهرّب من القرار أو أحاول التأجيل، وقد أرغب في ترك الدّير في فترة الإختبار بسبب المشاكل والقلق. ولكن السلام الدّاخليّ هو هذا الشعور الثابت بأنّي، وبالرغم من قلقي وتردّدي، فقد وجدت مكاني، المكان الوحيد الّذي أعلم ضمنيّاً أنّه قادر على إعطائي السعادة رغم المصاعب الكثيرة. روح الرجاء والفرح، وهو الشعور الّذي أحسّ به تلميذا عمّاوس ساعة كان يسوع يسير معهما. رغم حزنهما الكبير لأنّهم رأوا يسوع مصلوباً، فقد حملت كلمات هذا الغريب السائر معهما العزاء الى قلبيهما. هكذا أنا أيضاً حين أميّز دعوتي، أشعر بالعزاء والفرح لأنّي واثق من حضور الله في حياتي، يسير معي، يعلّمني، يعطيني الرّجاء لأنّي أكتشف أن الله يسير معي وأنّني لم أعد بمفرداتي.
روح الرحمة نحو الآخرين، والرغبة في الوقوف الى جانب الضعفاء والفقراء والمتألّمين. هذه الرغبة التي تدفعنا الى مساعدة من هم أضعف منّا وخدمتهم هي علامة من علامات الدعوة للتكرّس الكهنوتيّ والرهبانيّ. فالفرح الّذي يزرعه الله في قلبنا يدفعنا الى مشاركته مع الآخرين، والى وضع ذاتنا بكلّيتها في خدمتهم من خلال اتّباع المسيح في حياة التكرّس. الصلاة والحياة الرّوحيّة والرغبة في تعميقها من أجل علاقة ثابتة ومميّزة مع الرّب يسوع. فالحياة الروحيّة لدى الشاب والشابّة هو من أولى علامات الدعوة الرهبانيّة، فالصلاة هي علاقة صداقة مع الرّب والتكرّس هو التتلمذ الدائم والدخول في علاقة صداقة ووفاء، لا تكرّس من دون الصلاة والحياة الرّوحيّة. لا أشعر بالرغبة في اقتناء الأموال ولا يعني لي البحث عن المراكز والسلطة شيئاً وأشعر أنّي مستعدّ لأن أتخلّى عن فكرة الإرتباط بشخص واحد أقاسمه حياتي وأبني معه عائلة، بل أرغب في أن تكون الإنسانيّة كلّها عائلتي واضعاً ذاتي في خدمة الآخرين.
أسأل ذاتي، في أي نوع من الحياة أجد نفسي وأقدر أن أحقّق ذاتي من خلالها؟
– هل تكفيني حياتي كما هي اليوم؟
– هل أظنّ أن التزامي بالحياة المسيحيّة كما أحياها اليوم هي تكفيني لأحقّق دعوة الله لي أم أظنّ أن بامكاني تعميقها وتمتينها وعيش اقتدائي بالمسيح بطريقة مميّزة وأكثر جذريّة؟
– أتكلّم مع شخص يمكنه إن يرافقني روحيّاً، يعطيني رأيه بطريقة موضوعيّة وحرّة، ليساعدني على تمييز دعوتي وعلى إتّخاذ القرار بشكل أوعى وأكثر حريّة. فمهما كان نوع الحياة التي يدعوني اليها الرّب، فإن المرافق والمرشد الرّوحيّ يبقى أساسيّاً، لا يأخذ القرار مكاني، إنّما يساعدني على تمييز دعوة الله لي بطريقة أكثر جديّة.
– آخذ وقت اختبار من خلال التردّد على جماعة رهبانيّة بالإتّفاق مع المرشد الرّوحي ومع مسؤول في دير الطالبيّة أو الإبتداء الّذي أنوي زيارته، في فترة العطلة الصيفيّة أو في عطلة نهاية الأسبوع، فأتعرّف على نمط الحياة الديريّة لأقرّر إن كان هو نمط الحياة الّذي أفتّش عنه.
– لا أعطي قراراً سريعاً، إيجابيّاً أو سلبيّاً، فلا يجب أن يكون قراري نتيجة رغبة وحماسة عابرتين، أو أن يكون رفضي ناتجاً عن شعور بالقلق والخوف أشعر به في فترة الإختبار، فمهما كان اختياري، لا بدّ أن آخذ وقتاً للتفكير في إطار الهدوء والصلاة والتأمّل.
– الرياضة الروحيّة تبقى وسيلة أساسيّة للتمييز، وفرصة للصلاة والتأمّل والحوار والمشاركة برفقة مرشد روحيّ إذا أمكن لأتمكّن من تمييز دعوة الله لي في حياتي.