كلمة قدس الرئيس العام الأباتي مارون أبو جوده في حفل تخرّج تلامذة LYPA (4 أيار 2019)
“معاً نحو العلى”
آبائي المدبّرين، الآباءُ الأفاضل (الأخواتُ الفاضلات)، الفنّان رودي رحمة، أيها المتخرّجاتُ والمتخرّجون، الأسرةُ التربوية في ليسيه الآباءِ الأنطونيين – بعبدا، الأهلُ والأصدقاءُ الكرام
يُسعِدُني أن أكونَ معكم للسنةِ الثانيةِ على التوالي، لِنفرحَ معاً بتخرُّجِ دُفعةٍ جديدةٍ من تلامذتِنا الذين نَفْخرُ بهم ونتمنّى لهمُ النجاحَ في دراستِهم وفي حياتِهم المستقبلية. إختارت إدارةُ المدرسةِ عنواناً جميلاً لهذا الاحتفالِ :”معاً نحو العُلى”. إنّه عنوانٌ كبيرٌ ونبيلْ. فمنذ نشأتِنا تَعلَّمنا المثلَ القائلَ : “مَن أرادَ العُلى سهِرَ الليالي” وها أنتم أيُّها التلاميذُ الأعزّاءُ تسهرونَ وتَكُدّون لأنّكم وضعتُم نُصْبَ أعيُنِكُم “العُلى”، وهل من عُلى أَبْعَدُ من العَلِيّ، اللهُ هو العُلى واللهُ هو الخالقُ الذي يسهرُ على كلِّ واحدٍ منّا، لذا، أرفعُ صلاتي إلى الله تعالى كي يوفِّقَكُم في حياتِكم ويعطيَكُمُ النعمةَ لتكونوا رُسُلَ محبّةٍ وساعينَ إلى السلامِ في وطنٍ يمرُّ بأزمةٍ وجوديةٍ ومصيريةٍ تطالُه في لُقمَةِ عيشِه. فبينما يعملُ أركانُ الدولةِ على تصحيحِ مسارِ الوضعِ الاقتصاديّ، لم نرَ حتّى اليومَ أيَّ اهتمامٍ بالمواطنِ حتّى يرقَوا به إلى العُلى. السنواتُ تمرُّ، والوعودُ تسقطُ بَدءاً من تأمينِ التعليمِ المجانيِّ لكلِّ طفلٍ لبناني (وهو حقٌّ من حقوقِ الطفل) مروراً بالطَبابة التي تزدادُ كِلفَتُها يوماً بعد يوم. ولن أتكلّمَ الآنَ على باقي القطاعاتِ المعيشيةِ في البلدْ، لأننا بدأنا نتعبُ من الكلامِ فلا آذانَ صاغيةً ويا للأسف.
لن أضعَ أمامَكُم صورةً مأساويةً عن لبنان، فلبنانُ لمْ ولَنْ يكونَ أداةً بين أيدي البشر، فلطالما كانت يدُ اللهِ هي الحارسَ الأمينَ له منذ الأزل. لبنانُ وطنُ الله، لبنان وطنُ الرسالةِ السماوية، ونحن نتّكلُ على الله تعالى كي يُدبّرَ شؤونَنا وأمورَنا فيَهديَ الحكّامَ والمسؤولينَ ليعمَلوا على صونِه وحمايتِه. كما نعوِّلُ كثيراً على أجيالِنا الطالعة، وأنتم منهم أيّها المتخرّجات والمتخرّجون. إحْمِلوا مَعَكُم القيمَ والأخلاقَ التي تعلّمتموها في مدرستِكم، وصُمّوا آذانَكُم عن الوعودِ الخلّابةِ وعن الحلولِ السهلة، واعلَموا أنّه بِجِدِّيَّتِكُم وحبِّكُم لبعضِكُم بعضاً ولوطنكُم يُمْكِنُكُم أن تَصِلوا “معاً إلى العُلى”.
مع ترحيبي وتهانيَّ للفنّان رودي رحمة، الذي يُسهمُ من خلالِ فنونِه بالارتقاءِ بلبنانَ نحو العُلى، أتمنّى له كلَّ النجاحِ في مسيرتِهِ الفنيةِ والروحيةِ والاجتماعية.
للأهلِ الكرامِ أقولُ هنيئاً لكم بأولادِكم الذينَ تَعِبْتُم وَرَبَّيْتُم على الأخلاقِ الحميدة والقِيَمِ النبيلةِ، وها هُمُ اليومَ أمامَكُم ليقولوا لَكُم “شكراً على كلِّ تضحياتِكم وعلى محبّتِكُم لنا، شكراً على سهرِكُم لِنَصِلَ إلى ما نحنُ عليهِ اليوم”.
ولإدارةِ المدرسةِ الحاليةِ المؤلّفةِ من الأب الرئيس حنا خضره، والأبِ المدير جاك الكك، والأبِ القيّم ريمون سلفاني، ولكلِّ مَنْ سَبَقَهُم من رُهبانٍ وعَلمانيّين، أقولُ شكراً على العملِ الذي قُمتم وتقومون به، كما أشكرُ كلَّ أفرادِ الهيئةِ التعليميةِ والإداريةِ وكلَّ الموظفينَ الذينَ أسهَموا بنجاحِ هذه المدرسة.
أيّها المتخرّجات والمتخرّجون، الآمالُ كبيرةٌ، والطموحاتُ أكبر، فاعملوا جاهدينَ واعتبروا أنَّ تَخرُّجَكُم هو نقطةُ انطلاقٍ وليس نقطةَ وصولٍ، فالجامعات تنتظرُكم والمجتمعُ أيضاً، فكونوا كالخميرِ في العجينِ وكالشمعةِ المُضاءةِ لتُنيرَ عتمةَ الحياة.
مباركٌ تخرّجُكُم، وصلاتي في هذا الشهرِ المكرَّسِ لإكرامِ سيدتِنا مريمَ العذراءِ حتّى تَلُفَّكم بوشاحِها الطاهر وتحميَكم من كلِّ شر.
في الختامِ، أتوجّهُ إلى مُسلمي لبنانَ عموماً وأهالي تلامذتِنا خصوصاً، لأتمنّى لهم بدايةَ شهرِ رمضانْ مبارك وَلْيَقْبَلِ الله صيامَكم وصلاتَكم.
عقبال كل سنة