دير مار الياس – انطلياس

(تأسّس سنة ١٧٢٣، عيد شفيعه في ٢٠ تموز)

القَسَمُ الوطنيّ لعاميّة أنطلياس والقَسَمُ الروحيّ للرهبان الأنطونيين يتقاسمانِ وسط هذا الدير الجاثمِ في قلب بلدة انطلياس عند مفترق طرقٍ بين ساحل المتن الشماليّ وأعاليه، تلتقي عنده مهما تباعدت، ويأخذ دروبهم الناسُ اليه، يَصِلون فيُصلّونَ ويُسبِّحونَ الله وشفيعَه مار الياس، ويقصدون الى مسرحه لينهلوا فنونًا وأدبًا وإيقاعاتِ حركةٍ موسيقيّة نهضت بين أعمدتِه، ويتنقلّون في معارضه ليستعرضوا الكنوزَ الثقافيّةَ في لبنان ومنه الى العالم.

ديرُ مار الياس وكنيستُه ورعيّتُه الكبيرة ثالوثيّةٌ أنطلياسيّةٌ لها بركةٌ بعيدةُ الأثرِ في الزمن، تعود الى عشرينيّاتِ القرنِ الثامنَ عشرَ بعدما تسلّمته الرهبانيّة سنةَ ألفٍ وسبعِ مئة وثلاثةٍ وعشرين (١٧٢٣) من غبطة البطريرك يعقوب عوّاد، فكان الأنطش، باكورةُ الدير فترةَ       رئاسة الأب العامّ بطرس عطايا، وقد ضمّ القبو شمالي الكنيسة وقبوًا آخرَ تحوّل محالًّا، بُنيت فوقه غرفٌ مع إيوان في وسطها، وغرفٌ للزوّار في الطبقة الثانية. يُذكر أن الكنيسة الصغرى كانت الوحيدة على الطريق بين نهر الموت ونهر الكلب، وشكّلت محطة للتجار على الخط الساحلي.

حفظ دير أنطلياس بداياتِه لمئويّةٍ ونصفِ المئويّة في ظلِّ توالي الرّهبان الأنطونيين عليه صلاةً وتقدمةً وحضرةً بين أهالي الرّعية الواسعة حتّى أقيمَ إيوان جديد أواخر القرنِ التاسعَ عشرَ فتزيّا الأنطش بأحمرِ القرميد، وتكحّل ببلاط الرّخام قبل أن تُهدَمَ الكنيسة القديمة وتعلوَ كنيسةٌ أرحبُ لناحية الحائط الشرقي على صخرة كبيرة ممتدّةٍ اكتُشفت في خلال عمليّة البناء.

الورشةُ الكبرى في دير مار أنطلياس نُفِض غبارُها وعلت حجارتُها منتصف ستينيّات القرن العشرين فجاورتِ الكنيسةَ القديمة كنيسةُ الدير الكبيرةُ الجديدة، وخصّص تحت الكنيسة الوسيعةِ مسرحٌ وقاعاتٌ، هي اليومَ مكانٌ لمعرض مار الياس الثقافيّ والدينيّ ومركزٌ للّقاءات الأدبيّة والفنيّة والروحيّة وقِبلةٌ لكلّ من شاء التوقيعَ على أثرٍ جديد بحبر من إيمان.

دير مار الياس الساكنُ في دائرة حركة بشريّة وتجاريّة وسياحيّة، لم تهدأ حركةُ تطويرِه وتدعيمِه وتوسيعِه حتى التسعينيّات من القرن الماضي وما بعد الألفين تلبيسًا بالحجر الطبيعيّ وترميمًا وتجديدًا للكنيسة الصغرى، الأيقونة الأثريّة في قلوب المؤمنين، كما بُنِيت الصالة خلف الكنيسة الكبرى. ولاحقًا توسّعت غرفُ الدير ومكاتبُه وقاعاتُ الاستقبال فيه، وشغلت لوحات ُالقديسين جدرانَه مطلع الألفين ليُدشّنَه عام الفين وثلاثة الأبّاتي سمعان عطاالله.

تطبيقًا لمقرّرات المجمع الفاتيكانيّ الثاني، شكّلت رعيّة مار الياس أوّل مجلسٍ رعويّ في الكنيسة المارونيّة، لإحياء نهضة ليتورجيّة لافتة، وحياة رعويّة عصريّة، وجماعات إيمان مميّزة ألهمت الكثير من الرعايا، فامتزج العمل الروحي مع العمل المسكوني والانفتاح على مختلف الكنائس، مع الثقافي والاجتماعي. وما زالت الرعية حتى اليوم محطة اساسية في الفكر الرعوي والرؤية الليتورجية المتجدّدة.

فالتاريخ الروحيّ الكنسيّ يشهدُ على أنّ ديرَ مار الياس حيث ترجمتِ الرعيّة المجمع الفاتيكاني ّالثاني، مروحةُ إيمانٍ تنسّم على أبناء رعيّة يلفَون في هذا الدير – الكنيسة إحياءً حقًّا لمناسباتِهم المسيحيّة، ومحطّاتهم الثقافيّة مع الحركة الثقافيّة- أنطلياس، ويسترجعون كلّما تعالتِ الترانيم حولَ مذبحِه أصداءَ ثورةِ العامّيّة، ثورةٍ اشتعلت من كنيسة مار الياس نذرًا وميثاقَ شرفٍ عام الفٍ وثماني مئةٍ وأربعين (١٨٤٠) تحت عين النبيِّ القدّيس الشاهرِ سيفَ الحق. وكذلك كلّما حملوا صلبانَهم وأوجاعَهم ليقدّموها أمام جلجلة المسيح عادت الى مسامعِهم آهاتُ الصوت الملائكيّ فيروز هي من كانت لسنواتٍ من سطح الكنيسة القديمة الى حرم الكنيسة الجديدة تمدّ صوتها جسرا لعبور الذاهبين الى طرق أورشليم من دير مار الياس – أنطلياس الأنطوني الجوهر الانتماء والترهبُن.

رئيس الدير: الأباتي أنطوان راجح

قيّم الدير: الأب عادل الدكاش

هاتف: 04/415717 – 04/414420 – 04/410568
فاكس: 04/405387

ص.ب.: 70323 – انطلياس